في مثل هذ اليوم 2 أكتوبر 1187م فتح بيت المقدس بقيادة صلاح الدين الأيوبي
في أكتوبر من عام 1086، وإلى الشمال من أشبيلية (على الحدود الأسبانية البرتغالية اليوم)، وبينما كانت الأندلس تئن تحت ضربات الصليبيين فتوشك أن تلفظ أنفاسها الأخيرة على أيديهم قيض الله لها بطلا أعاد لها عزتها وأعطاها قبلة الحياة التي أطالت عمر الإسلام فيها لأكثر من أربعة قرون أخرى. هذا البطل هو يوسف بن تاشفين أسد المرابطين وفارس المغرب الذي أنقذ الإسلام في الغرب بينما كانت أوروبا تضمر له الشر، بل وتستعد في نفس الوقت لغزو الشرق والقضاء على الإسلام هناك وهو ما بدأ تنفيذه في الحرب الصليبية الأولى عام 1099 التي سقطت على أثرها القدس.
وانتظر المسلمون مائة عام أخرى حتى عاد يوسف ليرد للمشرق عزته كما فعلها قبل ذلك مع المغرب، ليعيد القدس إلى كنف الإسلام ويوحد المسلمين وكلمتهم في الشرق كما وُحدوا قبل قرن في الغرب تحت راية المرابطين، لكن يوسف هذه المرة لم يكن ابن تاشفين لكنه كان صلاح الدين.
محتويات المقال
انتصار مجيد في حطين
هكذا جاء أكتوبر من عام 1187 ليزين التاريخ صفحاته بانتصار مجيد في حطين، ذلك الانتصار الذي فتح الباب أمام توحيد المشرق الإسلامي الذي تشتت وتقطعت أوصاله بين العبيديين والعباسيين وغيرهم، تماما كما جمع ابن تاشفين شمل الطوائف الأندلسية المختلفة تحت قيادته. وكما كانت الزلاقة نصرا خالدا ، كانت حطين حدثا اسثنائيا في الشرق. وكما دان يوسف بن تاشفين بعدها للدولة العباسية ورفض الانفصال عن جسد الأمة الإسلامية، فعلها صلاح الدين وقضى على الدولة العبيدية في مصر وأعادها ومعها الشام إلى حضن الخلافة في بغداد بل واجتث المذهب الشيعي الذي كان في سبيله للسيطرة على أوصال الدولة واستبدل به المذهب السني.
يوسف ابن تاشقين وذكراه
مرت الأعوام والقرون، ثمانية قرون، تحصن فيها اسم بن تاشفين وذكراه من التشويه خلف جدار عدم الشهرة الذي ارتبط به بينما لم يسلم صلاح الدين من هذا التشويه والعبث الذي طال تاريخه وذكراه. صارت إنجازاته التي سجلها التاريخ محل تدليس، صارت أخلاقه النبيلة التي تحاكى عنها الأعداء نقائص يرددها بني دينه طعنا فيه، صار صلاح الدين محرر القدس هو من سلمها للمحتل الصليبي وصار العبيديون فاطميين ، صاروا عظاما قضى صلاح الدين على دولتهم ظلما وعدوانا وطمعا في سلطة يتبوأها، بل لقد تمادى البعض وادعوا طمعه في منازعة الدولة العباسية وهو من دان لهم بالولاء بمجرد استتاب الأمور له في مصر.