اعرف اكتر عن شركة صيدناوي
لماذا ينجح السوريون في الانشطة التجارية في مصر؟ حكاية محلات صيدناوي ومصطلح الامانة تكشف اصل الحكاية
في عام 1878، حضر سمعان صيدناوي إلي مصر من قرية «صدنايا» السورية، جاء إلى مصر فارآ من الإضطهاد العثماني لمسيحيي الشام في ذلك الوقت .
قرية صدنايا هي قرية صغيرة أغلب سكانها من طائفة «الروم الكاثوليك» وإسم القرية يعني «سيدتنا» حسب اللغة السيريانية، المشتقة من اللغة الآرامية.
محتويات المقال
بدايه صيدناوي فى مصر
في بلدته بالشام، كان سمعان بائعاً موهوباً. وحين وصل إلى مصر، بدأ في ممارسة نفس عمله في مهنة البيع. ومع الوقت إستطاع إمتلاك «دكاناً»صغيراً خاصاً به.
ومع نجاح محله فكرسمعان أن يكتب لأخيه سليم بالشام يدعوه للحضور إلى مصر والعمل معه. بالفعل حضر سليم إلى مصر. إلا أنه فضل الاستمرار في مهنته الأصلية، وكان «ترزياً ماهراً». شارك سليم صديقاً له يدعى «متري صلحاني» في دكان صغير لتفصيل الملابس وحياكتها، ولكن الحظ لم يحالفهما، وشبت النيران في الدكان وأتت على جميع محتوياته.
طلب سمعان من شقيقه مشاركته في دكانه بسوق «الحمزاوي»بحي الجمالية بالقاهرة، وأطلقا علي المحل «سليم وسمعان صيدناوي للخردوات».
هذا المحل كان حجر الأساس في «إمبراطورية الصيدناوية».
في البداية كانت مبيعات المحل بطيئة إلى أن جاء يوم أتت فيه مجموعة من «سيدات البلاط الخديوي» للتسوق.وأشترين أغراضا كثيرة. وغادرن الدكان وقد دفعن مبلغاً من المال يزيد عن قيمة الأغراض دون أن ينتبهن.
وبعد أسابيع، عادت إحداهن للدكان لتشتري مجدداً، فأسرع إليها سمعان وشرح لها ما حدث ورد لها فرق السعر.
أعجبت السيدة بأمانة التاجر الشامي، وأخذت تروي تلك الواقعة لجميع معارفها. وسرعان ما أصبح إسم صيدناوي مرادفاً للجودة والأمانة، حتى أن النساء كنَّ يمتنعن عن شراء الأغراض التي تبيعها لهن الدلالات في البيوت إلا إذا كانت تحمل إسم صيدناوي.
تمر السنوات ويواصل الأخوان صيدناوي العمل بجد ونشاط وتفاني. فإتسعت تجارتهما وأفتتحا متجر «جراند صيدناوي» بميدان «الخازندار» يوم 2 نوفمبرمن عام 1913.
صمم المبنى المعماري الفرنسي «جورج بارك» مستوحياً تصميمه من متاجر «جاليري لافاييت» وبرانتون في باريس.
كانت البضائع في تلك الفترة مثار أعجاب الجميع فكانت تضم أحدث الموضات العالمية، وأفخر الأنواع. وبذلك إحتل صيدناوي المركز الثاني من حيث الرقي والفخامة بعد متاجر «شيكوريل». وسرعان ما انتشرت فروع صيدناوي في محافظات مصر «كالإسكندرية وطنطا والفيوم وأسيوط»، وتأسست شركة شحن خاصة بصيدناوي تقع مقارها بين باريس ومانشستربإنجلترا.
صعود اسم صيدناوي
توفي سليم صيدناوي في عام 1908، وترك إبنه إلياس «إيلي» ليحل محله. وتوزعت الإدارة بين إيلي وبين عمه سمعان وإبنيه جورج ويوسف: فتولى أحدهم قسم الملابس الجاهزة والآخر قسم المفروشات والموبيليات .
وصلت أعمال وتجارة صيدناوي إلى ذروتها خلال الحرب العالمية الثانية، حيث مرت قوات الحلفاء بمصر، منفقة أموالاً طائلةً فى جميع المناحي، مما أدى إلى حالة من الرواج والرخاء في عموم البلاد. وأستمرت الشركة في النمو إلى أن توقف كل شئ وضاع كل شيئ فى عام 1961.
صيدناوي وقرات التاميم
في صباح أحد أيام عام «1961» كان إيلي يجلس في شرفة فيلته بحي جاردن سيتي بالقاهرة قبل توجهه لعمله، عندما فتح جريدة الإهرام قرأ خبراً نزل عليه كالصاعقة، وأيقن معه أن زمن وتاريخ الصيدناوية قد ولى من مصر: كان الخبر عن «تأميم الحكومة المصرية لـ 700 من الممتلكات الخاصة. وكانت شركة صيدناوي ضمن تلك الأسماء».
أسرع إيلي وابن عمه جورج إلى متجر جراند صيدناوي بالخازندار، فوجداه محاطاً بضباط من الجيش وممثلي الحكومة الذين أخبراهما بنزع ملكية المكان لصالح الدولة، وأنهم سيقومون بتعيين إدارة جديدة له.
وقف الشابان وسط ميدان الخازندار، يسيطر عليهما الذهول والذعر. وكان عزاؤهما الوحيد أن سمعان صيدناوي كان قد فارق الحياة، ولم يشهد ذلك اليوم المشؤوم.
تم حل مجلس إدارة شركة صيدناوي وقتها وإستبداله بإدارة جديدة، وسارت الأعمال كالمعتاد. إلا أنه، في الواقع، لم يعد أي شئ كسابق عهده.
بعد التأميم غادر الصيدناوية مصر واحداً تلو الآخر. فغادر إلياس لسويسرا لتلقي العلاج، وأتبعه إبنه سليم إلى ألمانيا لدراسة الموسيقى، أما جورج ويوسف أبناء سمعان فقد غادرا إلى بيروت. واليوم، تفرق أبناء الصيدناوية في ربوع الأرض: فسليم الصغير أصبح عازفاًموسيقيآ للبيانو وناقداً موسيقىاً مرموقاً ويعيش بين القاهرة وباريس، ويسعى للحفاظ على إسم عائلته وتراثها.
وحقق بعض الصيدناوية الآخرين شهرة دولية، مثل «ستيفان صيدناوي» المصور والمخرج المقيم فى العاصمة الفرنسية باريس، وكذلك عارضة الأزياء «إليسا صيدناوي».
وهي عارضة أزياء وممثلة ومخرجة أفلام فرنسية من أصل إيطالي وسوري مصري وهي من مواليد 14ديسمبرعام 1987وهي مرتبطة كثيرآ بمصر .
أما بالنسبة للإسم والتاريخ الذي صنعه الصيدناوية في مصر، فقد عاش إلى اليوم، رغم كل الضربات التي تعرضوا لها: فإسم صيدناوي مازال مكتوباً على اللافتات التي تعلو المتاجر والمستشفيات في جميع انحاء مصر، وهو الأمر الذي يجلب مشاعر مختلطة من المرارة والفرحة إلى قلوب الصيدناوية عندما يزورون مصروطنهم حتى اليوم