ما هو صندوق النقد الدولي وسياسته وتاريخة وعلاقتة مع مصر

ما هو صندوق النقد الدولي وسياسته وتاريخة وعلاقتة مع مصر

ما هو صندوق النقد الدولي (IMF) هو إحدى المؤسسات التي تلعب دورًا مشابهًا في إحداث التنمية الاقتصادية للعديد من الدول .

هناك العديد من أوجه التشابه بين طبيعة عمل المؤسستين، فقد كان الهدف من إنشائهما هو مساعدة الدول التي تضررت من الحرب العالمية الثانية، كما أنهما يتشاركان عضوية نفس الدول حيث يشترط الحصول على عضوية البنك الدولي الانضمام أولًا إلى صندوق النقد الدولي. وتقوم المؤسستين بمساعدة الدول الأعضاء على تحقيق التنمية الاقتصادية من خلال القروض التي تقدمها لحكومات هذه الدول.

وبالرغم من أن الاختلاف الأساسي بينهما يتبلور في أهداف كل منهما، إلا أنها تكمل بعضها البعض، حيث يستهدف البنك الحد من معدلات الفقر فيما يقوم الصندوق بالعمل على تحقيق الاستقرار الاقتصادي لكافة بلدان العالم. ولمزيد من الإيضاح، فيما يلي لمحة عن تاريخ الصندوق.

تاريخ صندوق النقد الدولي

تبلورت فكرة إنشاء البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في مؤتمر انعقد عام 1944 في بريتون وودز بولاية نيوهامبشير، في الولايات المتحدة الأمريكية بحضور عدد من قادة الدول بهدف وضع إطار للتعاون لإرساء نظام اقتصادي عالمي أكثر استقرارًا.

وقد ركز ذلك الإطار على مساعدة الدول المتضررة من الحرب العالمية الأولى والثانية على النهوض من جديد وتجنب تكرار حدوث الأزمات التي أعقبت هذه الحروب مثل الكساد الكبير.

وبينما ساهم البنك الدولي في إعادة إعمار الدول المتضررة من الحروب، قام الصندوق بالإشراف على نظام جديد لضمان استقرار سعر صرف العملات الأجنبية، حيث قام بتثبيت سعر الدولار الأمريكي مقابل الذهب عند 35 دولار للأوقية وتثبيت سعر صرف باقي العملات مقابل الدولار على ذلك الأساس. وقد أطلق على هذا النظام الجديد الذي يشرف عليه الصندوق، غطاء الذهب، حيث تقوم الحكومات بتعديل سعر صرف عملتها بنسبة 10%، وما يزيد عن ذلك يتم بموافقة الصندوق.

وفي عام 1970، توقفت الولايات المتحدة الأمريكية عن ربط سعر الدولار بالذهب، وهو ما أدى إلى انهيار نظام غطاء الذهب وبالتالي تعويم العملات كما نرى حاليًا. وبعد أن أصبح تقدير سعر صرف العملات في أسواق صرف العملات الأجنبية يعتمد على العرض والطلب، تغيرت الوظيفة الأساسية التي أنشئ من أجلها صندوق النقد الدولي وهي ضبط أسعار الصرف.

ما هو دور صندوق النقد الدولي حاليًا؟

صندوق النقد الدولي يخضع لإشراف ومساءلة الدول الأعضاء وعددها 189 بلدًا، وتتمثل رسالته الأساسية في ضمان استقرار النظام النقدي العالمي – أي نظام أسعار الصرف والمدفوعات الدولية الذي يتيح للدول ومواطنيها إجراء المعاملات التجارية فيما بينهما. ويقوم الصندوق بأداء هذه الرسالة من خلال 3 وسائل رئيسية:

الرقابة الاقتصادية

يقوم صندوق النقد الدولي بالإشراف على السياسة النقدية العالمية وكذلك مراقبة السياسات المالية والاقتصادية للدول الأعضاء على المستويين المحلي والدولي. وفي إطار ذلك، يقدم الصندوق المشورة لبلدانه الأعضاء بشأن تعديل السياسات الاقتصادية ويسلط الضوء على المخاطر المحتملة بالنسبة للاستقرار.

الإقراض

تتمثل أحد مسؤوليات الصندوق الرئيسية في تقديم القروض لبلدانه الأعضاء التي تمر بمشكلات اقتصادية فعلية أو محتملة، حيث تلجأ الدول للاقتراض من الصندوق لمساعدتها على إعادة بناء الاحتياطي النقدي الأجنبي، وتثبيت سعر العملة، والاستمرار في تغطية مدفوعات الاستيراد، وتهيئة الظروف لتحقيق تنمية اقتصادية قوية، مع تبني بعض السياسات لعلاج أية مشكلات.

غير أن الحصول على تمويل من صندوق النقد الدولي يتطلب استيفاء مجموعة من الشروط، يأتي على رأسها تبني برنامج جريء للإصلاح الاقتصادي يهدف إلى معالجة الاختلالات المالية والنقدية والمشكلات الهيلكية التي تعاني منها المنظومة الاقتصادية للدولة التي تحتاج إلى تمويل. وفي حالة عدم الالتزام بالشروط، سيتوقف الصندوق عن التمويل.

ويتطلب تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي قيام الحكومات بتنفيذ بعض الإجراءات التقشفية، مثل إلغاء القيود على الصادرات والواردات، وإلغاء الدعم الحكومي، وخصخصة شركات القطاع العام، وتخفيض قيمة العملة المحلية، وكذلك تقليص النفقات. ويضمن الصندوق من خلال تلك الإجراءات قدرة الدولة على السداد وعدم حل مشكلاتها الاقتصادية بصور تسبب ضررًا بالاقتصاد العالمي.

تنمية القدرات

ولا يقتصر دور صندوق النقد الدولي على مع الحكومات حول العالم على تطوير سياساتها ومؤسساتها الاقتصادية وذلك من خلال تقديم التدريب اللازم للمواطنين، مما يساعد البلدان الأعضاء على دفع عجلة التنمية الاقتصادية وخلق المزيد من فرص العمل.

مصر وصندوق النقد الدولي

عادةً ما تؤدي الاضطرابات السياسية والاقتصادية، مثل التي خلفتها التطورات السياسية في 2011 إلى تراجع النشاط التجاري، وتأثر الاقتصاد ببعض العوامل السلبية وتعليق العمل بالأسواق المالية مما أدى إلى عزوف المستثمرين. لذلك، دعت الحاجة إلى اتخاذ بعض التدابير لاستعادة الاستقرار الاقتصادي وإعادته إلى مسار النمو المستدام.

وفي نوفمبر 2016، وافق الصندوق على تقديم المساعدة المالية لمصر بقيمة 12 مليار دولار أمريكي على ستة شرائح خلال ثلاث سنوات. وفي يوليو2019، قرر المجلس التنفيذي للصندوق صرف الشريحة الأخيرة من القرض بقيمة 2 مليار دولار بعد المراجعة الخامسة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي.

ويستهدف برنامج الإصلاح الاقتصادي ضبط أداء سوق صرف العملات الأجنبية، وتخفيض عجز الموازنة والدين الحكومي، وتعزيز التنمية الاقتصادية لخلق المزيد من فرص العمل، وخاصة للنساء والشباب، فضلًا عن حماية محدودي الدخل أثناء عملية الإصلاح.

انتقاد سياسة صندوق النقد الدولي

رغم قدرة الدول المقترضة على الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه صندوق النقد الدولي ونجاح الصندوق في مساعدة الدول في تجنب الأزمات المالية وتحقيق الاستقرار الاقتصادي، إلا أن هناك بعض الآراء المعارضة لسياساته، حيث يرون ضررها أكثر من نفعها وبصفة خاصة على الدول الأكثر فقرًا في العالم. ويرى المعارضون أن التغييرات الكبيرة والسريعة التي تطرأ على الاقتصاد تأثر بالسلب على الفقراء أكثر من غيرهم لأنهم لا يمتلكون المدخرات أو السيولة المالية الكافية لمساعدتهم على التكيف مع تلك التغييرات المفاجئة، مشيرين إلى أن الدول النامية غالباً ما تعلق برامج تطوير الصحة، والتعليم، وغيرها من البرامج الاجتماعية حتى لا تقف عائقًا أمام سداد القروض.

ويستحوذ الهيكل التنظيمي لكلًا البنك الدولي وصندوق النقد الدولي على النصيب الأكبر من الانتقادات، حيث أنهما يؤكدان على عدم الموازنة بين الدول الغنية والفقيرة.

فبما أن التمويل الذي يحصل عليه صندوق النقد من مساهمات الدول الأعضاء، يعطي الصندوق للدول ذات المساهمات الأكبر حق التصويت والتحكم في القرارات التي يصدرها. ولذلك، يؤكد النقاد خلل ذلك النظام، حيث أن السياسات الاقتصادية يحددها الأغنياء وينفذها الفقراء.

مهتم بمعرفة المزيد…

يحتوي الموقع الإلكتروني لصندوق النقد الدولي على معلومات لا حصر لها من مختلف المجالات الاقتصادية والمالية من جميع أنحاء العالم.

إذا كنت ترغب بتوسيع آفاق معرفتك الاقتصادية عن النظام المالي العالمي، تفضل بزيارة هذا الرابط http://www.imf.org. ويمكنك من خلال هذا الموقع العثور على عدد من الأبحاث والإصدارات، كما يمكنك الاطلاع على ما تريد من خلال المكتبات الإلكترونية المتاحة للجميع.

اترك تعليقاً